متابعة - شبكة قُدس: أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مؤخرا، فتح معبر "كيسوفيم" للمرة الأولى، بزعم إدخال شاحنات مساعدات إلى وسط وجنوبيّ قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من عام.
وذكر جيش الاحتلال في بيان له، أنه "بناءً على توجيهات المستوى السياسي، وفي إطار الجهود والالتزام بزيادة حجم المساعدات ومساراتها لقطاع غزة، وبالتنسيق مع الجيش تم اليوم ولأول مرة فتح معبر كيسوفيم، لنقل شاحنات المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والماء والمعدات الطبية، ومعدات الملاجئ، إلى مركز وجنوبي قطاع غزة".
ولكن المعطيات على الأرض، تؤكد أن الإعلان الإسرائيلي، بقي مجرد إعلان لوسائل الإعلام، فقد استهدفت قوات الاحتلال يوم أمس، مجموعة من الفلسطينيين في رفح، أثناء نقلهم الطحين لعائلاتهم، فمزقت آلة الحرب الإسرائيلية أجسادهم وغطاها طحين المساعدات الذي سمحت "إسرائيل" بإدخاله.
ولإكمال سيناريو الاحتلال، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة الرئيس جو بايدن خلصت إلى أن "إسرائيل" لا تعرقل حاليا المساعدات المقدمة لغزة وبالتالي لا تنتهك القانون الأمريكي، لكن واشنطن أقرت بأن الوضع الإنساني لا يزال مترديا في القطاع الفلسطيني.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن قد بعثا برسالة في 13 أكتوبر تشرين الأول لـ"إسرائيل" قالا فيها إن عدم تحسين هذا الوضع قد تكون له تبعات محتملة على المساعدات العسكرية الأمريكية.
في حين قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل إن "إسرائيل" اتخذت خطوات لتلبية المطالب وإن واشنطن ستواصل تقييم الوضع.
وعلى الرغم من الإعلان الإسرائيلي، جدّدت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومنظمات إنسانية مطالبتها بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة.
وقالت ثماني منظمات إغاثية بما فيها "أوكسفام" و"أنقذوا الأطفال" إن "إسرائيل" فشلت في الامتثال للمطالب الأميركية على حساب تكلفة بشرية هائلة للمدنيين الفلسطينيين في غزة.
وأكدت في بيان أن "الوضع الإنساني في غزة الآن في أسوأ حالاته منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023".
وفي بيان أصدرته في وقت لاحق، انتقدت حركة حماس ما أعلنته إدارة بايدن أن "إسرائيل" اتخذت إجراءات لتحسين الوضع الإنساني في القطاع. وقالت إنها "تستنكر ما صَدَرَ عن الإدارة الأمريكية من مزاعم تدّعي اتخاذ الاحتلال إجراءاتٍ لـ تحسين الوضع الإنساني في غزة، وعدّتها تأكيداً للشراكة الكاملة لإدارة الرئيس بايدن في حرب الإبادة الوحشية بحق شعبنا في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وعمليات التطهير العرقي والمجازر والتجويع المستمرة في شمال القطاع".
وأكدت حماس، أن هذه الادعاءات المفضوحة تُكّذبها الوقائع على الأرض، وتقارير مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، التي تؤكّد وصول مناطق في قطاع غزة خصوصاً شمال القطاع إلى حافّة المجاعة، بفعل سياسة التجويع التي ينتهجها جيش الاحتلال بالتوازي مع المجازر المستمرة بحق المدنيين العزّل.
وشددت حماس، أن حالة التماهي الأمريكي مع جرائم الحرب الإسرائيلية، والتي تسعى إلى كسر إرادة شعبنا وتصفية قضيته الوطنية؛ لن تزيد شعبنا البطل ومقاومته الباسلة إلا إصراراً على الصمود والمواجهة والثبات، والمضي في طريق المقاومة حتى نيل حقوقه المشروعة بالحرية والعودة وتقرير المصير.
وقبل أيام، كشف تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، أن جيش الاحتلال الإسرائيليّ أتاح لعصابات في جنوب قطاع غزة نهب وجباية مبالغ إتاوة (خاوة) من شاحنات المساعدات التي تدخل إلى القطاع؛ كما أنه استهدف أفراد شرطة في غزة، كلّما حاولوا منع هذه العصابات من السيطرة على الشاحنات، ما يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى بكل قوته لجعل المساعدات الإنسانية أداة ضغط وابتزاز وتعذيب للفلسطينيين في قطاع غزة.
وتؤكّد المنظمات الإنسانية، أن قوات من الشرطة في غزة، "حاولت في عدة حالات التحرك ضد اللصوص، لكنهم تعرضوا لهجوم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحل المشكلة بطريقة تسمح بوصول المساعدات إلى السكان، يتطلّب نشر قوة شرطة في القطاع؛ فلسطينية أو دولية"، وهي خطوة ترفضها قوات الاحتلال.
وتفاقمت مشكلة العصابات المسلّحة، منذ سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح، الذي كان حتى ذلك الحين بمثابة المحور الرئيسي لدخول البضائع إلى القطاع، ومنذ توقف المعبر على الحدود بين غزة ومصر، تدخل معظم البضائع إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، وهي المنطقة المتاخمة التي سيطر عليها المسلّحون.
وفي بداية مايو 2024؛ أغلقت قوات الاحتلال المعابر والمنافذ المؤدية لقطاع غزة، التي يعدّ معبر رفح أبرزها لدخول المساعدات الإنسانية، وسط تحذيرات من تبعات الكارثة الإنسانية جراء اشتداد أزمات الغذاء والماء والدواء.
ويغلق الاحتلال المعابر منذ اجتياحه مدينة رفح جنوبي القطاع وسيطرته على معبري رفح البري وكرم أبو سالم، رغم تحذيرات المنظمات الإنسانية والإغاثية ومطالبات دولية بإعادة فتح المعابر لتلافي حصول مجاعة بسبب انقطاع المساعدات، ولإنقاذ أرواح آلاف المرضى والجرحى.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، معربًا عن قلقه إزاء تقليص حجم عمليات تقديم المساعدات لغزة.
وقال متحدث المنظمة الأممية طارق يساريفيتش إن "هناك أكثر من 10 آلاف شخص على الأقل بحاجة إلى الإجلاء، وتلقي الرعاية الطبية خارج غزة".
وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في وقت سابق، إلى أن شبح المجاعة يُهدد حياة الفلسطينيين بشكل مباشر، مما يُنذر بارتفاع أعداد الوفيات بسبب الجوع خاصة بين الأطفال>
وفي السياق، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من التأثير الكارثي والوضع المزري الذي يواجهه أطفال غزة بسبب إغلاق المعابر التي تمر منها المساعدات، والعمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في القطاع>